""( آما آن لنا أن نتوب )
جاهلية انطفأت .. وسار الزمن في جنازتها ..
نور انبثق وفجر بزغ بعد ليل بهيم ...
انبثق فجرا خالدا في غار حراء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ...
انبثق نورا ليضيء مشارق الأرض ومغاربها ...
من قطرة نداه ازدانت الأرض بحضارتها , فعاشت ربيعا لا خريف من بعده وانتصر الإنسان ...
جاء النبي الأميّ ليكون معلما للبشرية و رحمة للعالمين , فبلغت دعوته آفاق الكون وعنان السماء ...
جاء النبي ليصوغ إنسان هذا الأرض ويغزو قلبه وعقله في وقت واحد فكانت رسالته نارا ونورا وسراجا مضيئا ..
نارا تحرق الطغاة والظالمين, ونورا يضيء القلوب الحائرة بالهدي والإيمان والتقى ...
القرآن لم يزل إلا أن يسمو بنفوسهم ويزكي جمرة ق قلوبهم ومجالس الحبيب المصطفى تزيدهم
إيمانا ويقينا وهدى وتقوى في سبيل مرضاة الله ورسوله ..
يطيعون معلمهم وقائدهم في المكره والمنشط , وينفرون في سبيل الله خفافا وثقالا ..
هانت عليهم الدنيا وزخرفها ومتاعها في سبيل رفع راية الإسلام ..
لاتجزعهم مصيبة ولا تبطرهم نعمة ولا يشغلهم عن الله ورسوله متاعا ولا تجارة ...
مدرسة محمد كانت مدرسة خلقية وتربية نفسية نقلت صاحبها من عالم الرذايا والإثم إلى عالم الطهر والنقاء .. ولا يرتاح صاحبه من وخز الضمير حتى يعترف بذنبه أمام معلمه وقائده ونبيه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ..
أحدهم يقول :
( يا رسول الله إني ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهرني
إنه:
ماعز بن مالك الأسلمي
جاء إلى الحبيب محمد وهو يعترف بخطيئته أمام معلمه وقائده ، رده الحبيب ولم يأمر عليه بإقامة الحد .. مرة ثانية يعود ويرده الحبيب .. فما لبث إلا أن عاد إلى الرسول المعلم مرة رابعة .. فحفر له حفرة ثم أمر فرُجم ..
ثم جاءت الغامدية فقالت :
يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني
ردها الرسول صلى الله عليه وسلم فلما كان الغد قالت له :
يا رسول الله لمَ تردني ؟؟..
لعلك أن تردني كما رددت ماعزا , فوالله إني لحبلى .
قال : إما لا فاذهبي حتى تلدي .
قال : فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة قالت :
هذا قد ولدته .
قال : فاذهبي فأرضعيه حتى تطعميه .
فلما فطمته أتته بالصبي , في يده كسرة خبز , فقالت :
هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام . فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين . ثم أمر فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها .
الإيمان كان حارسا لأمانة الإنسان وعفافه وكرامته والاعتراف بذنبه وخطيئته ...
هؤلاء أرادوا أن ينظفوا أنفسهم من درائن الإثم والفاحشة والرذيلة فلم يجدوا من بد إلا أن يعترفوا أمام الحبيب بما اقترفوه من فاحشة ...
الاستسلام لله والخشية منه والخوف من عذاب النار هو الذي دفعهم إلى اتخاذ هذا المسلك والاعتراف أمام النبي بخطيئتهم ..
شعلة الإيمان لن تجف في قلوبهم وصلتهم بالله عادت من جديد فلم يجدوا من بد إلا يعودوا بصدق إلى حمى الله وملاذه الآمن ...
إنهم أرادوا أن يطهروا خطيئتهم في الحياة الدنيا ليهنئوا بجنة عرضها السماوات والأرض ...
الإسلام ودين الله رفع بالأمة المسلمة لتصبح حلما يمشي على وجه الأرض وجيلا رائعا لم يشهد التاريخ مثلا له ...
لنسأل أنفسنا بصدق :
أليس في القلب حسرة ولوعة مما نشاهده اليوم من فجور وفسق على شاشات التلفاز دون أي وازع أو رادع ؟؟...
أليس في القلب حسرة ونحن نرى فتيات وشباب المسلمين طائشا في ضلال وضياع وحياة ذات لهو مظلم وهم يغوصون في الأوحال ؟؟...
أليس في القلب حسرة ونحن نرى المجون والفسق وبيوت الدعارة قد أصبحت مرتعا وخيما في ديار المسلمين ؟؟..
أليس في القلب حسرة ونحن نحن عري الأجساد والقلوب والأفكار من كل الفضائل والقيم والأخلاق التي جاء بها رسولنا النبي الأمي ؟؟..
والله إن في القلب لوعة وحسرة ونحن نرى بأم أعيننا الفساد قد استشرى بأعضاء جسد أمتنا والحرب الصليبية على أشدها تفتك بأمة حبيبنا ...
آه وآه يا أمة الإسلام ....
أما آن لنا أن نعود إلى المحضن الطبيعي التي فطرنا الله عليه ؟؟..
أما آن أن نستخلص العبر والدروس من مدرسة معلمنا وحبيبنا النبي الأميّ؟؟.....
أما آن لنا أن نتوب إلى الله توبة نصوحا عسى الله أن يرحمنا ويعيد لأمتنا عزتها وكرامتها ؟؟... "