يُروَى أن مزارعا من فلوريدا قد اشترى أرضا ووضع فيها ماله كله وأمله، فلما صارت له وذهب ليراها، أصابته أشد ضربة من ضربات الدهر فتركته مضعضعاً مشرفاً على الانهيار، رآها قفرة مهجورة لا تصلح للزراعة ولا تنفع للرعي، وليس فيها إلا الجحور، والتي يعيش فيها مئات من الحيات والثعابين، ولا سبيل إلى مكافحتها واستئصالها، وكاد يصاب بالجنون لولا أن خطرت له فكرة عجيبة هي أن يربي هذه الحيات ويستفيد منها، وفعل ذلك فنجح نجاحا منقطع النظير، كان يُخرِج سموم هذه الحيات فيبعث بها إلى معامل الأدوية فتستخلص منها الترياق الذي يشفي من هذه السموم، ويبيع جلودها لتجار الأحذية بأغلى الأثمان، وكان يقصده السياح من كل مكان ينظرون إلى أول مزرعة في الدنيا أُنشئت لتربية الحيـــــات والثعابين. ما رأيكم الآن في القدرات الإبداعية لذلك الرجل، والذي حول أرض الحيات السامة والثعابين المؤذية إلى متحف طبيعي حي لمن يريد المشاهدة من السياح، ومكان لإنتاج الجلود الفاخرة، بل وإلى مصنع أدوية لعمل الأمصال الواقية من سموم تلك الحيوانات المفترسة، إن هذا لهو حق التسامي، بل هو عين التسامي. المرونة في التعامل مع المتغيرات..